فلسطين في العهد الإسلامي
فلسطين المسلمة
استمرَّت "فلسطين"خاضعة للحكم الرومانى إلى أن فتحها العرب المسلمون سنة (15هـ= 636م)، بقيادة "أبي عبيدة بن الجراح"، في عهد أمير المؤمنين "عمر بن الخطاب"- رضي الله عنه- وعندما جاء الخليفة "عمر بن الخطاب" من"المدينة" إلى "القدس"، وتسلمها من أهلها كتب لهم عهدًا بالأمان عُرف بالعهدة العمرية، وقام بنفسه بتنظيف الصخرة المشرفة وساحة الأقصى، ثم بنى مسجداً صغيراً عند مسرى النبي ومعراجه، وقد جاء معه وفد ضمَّ العديد من كبار الصحابة، منهم : "أبوعبيدة عامر بن الجراح"، و"سعد بن أبي وقاص"، و"خالد بن الوليد"، و"أبو ذر الغفاري".
و أخذت فلسطين منذ ذلك الزمن مكانا مرموقا في العالم الإسلامي نظرا لمكانتها الدينية و لذكرها في القرآن الكريم بوصفها أرض مباركة
لذلك كانت دوما محط رعاية و عناية الخلفاء المسلمين حيث تم توسيع المسجد الأقصى في العصر الأموي و كانت ولاية فلسطين بمثابة العاصمة الشتوية للخلافة الأموية
وعندما تولى "هارون الرشيد" الخلافةَ شهدت "القدس" فترةً من أزهى عصورها، كما سمح للإمبراطور "شارلمان" بترميم بعض الكنائس، بل إنه سمح له ببناء "كنيسة العذراء".
وأقام الخليفة "هارون الرشيد" علاقاتٍ طيبةً مع كثيرٍ من دول "أوروبا"، وتبادل معها السفراء والهدايا، وقد عُنِيَ "الرشيد" بحماية الحجاج المسيحيين الذين يفدون لزيارة "بيت المقدس
فلسطين و "بني إسرائيل"
لم يكن وجود "بني إسرائيل" في "فلسطين" إلا وجودًا عابرًا، فلم يكن لهم ارتباط أبدًا في يوم من الأيام بتلك الأرض، ولم يكونوا بها إلا لاجئين أو عابري سبيل، وبرغم كلِّ المزاعم الصهيونية والدعايات الكاذبة التي تزعم أن اليهود إنما يعودون إلى أرضهم القديمة، فإن حقائق التاريخ و الدين تشهد أنه لم يكن لهم أبدًا أي حق في "فلسطين" على مرِّ الأزمان والعصور.
في نحو سنة 1200 قبل الميلاد ، حسب بعض الروايات التاريخية ، بدأت القبائل العبريةبغزو المدن الكنعانية- مع الأخذ بعين الاعتبار أنه ليس أكيدا أن العبريين القدامى هم نفسهم بني إسرائيل- . وظل "بنو إسرائيل" يتقدمون إلى المدن فيحاصرونها ويقتلون أهلها ويُحَرِّقُونَها بالنار، وتساقطت أمامهم المدن الحصينة الواحدة تلو الأخرى،حسب الرواية التوراتية والتي لا يعتد بها المؤرخون كمرجع موثوق ، ولم تمر سنة (1100) قبل الميلاد إلا وكان "بنو إسرائيل" قد استولوا على معظم مدن أرض"كنعان" (فلسطين )
و بعد أن تمكنوا من السيطرة أسس بنو إسرائيل مملكتهم التي بلغت ذروة مجدها في زمن داوود و سليمان
و لكن هذه الفترة الذهبية لم تدم طويلا إذ سرعان ما انقسمت هذه المملكةبعد وفاة الملك سليمان إلى مملكتين ،مملكة الشمال " باسم إسرائيل و عاصمتها السامرة ،و مملكة الجنوب باسم يهوذا و عاصمتها " أور شليم "
و بدأت مرحلة الضعف و الانهيار تنخر في هاتين المملكتين بفعل الحروب بينهما ،إلى أن تم تدمير الأولى على يد الآشوريين و الثانية على يد البابليين حيث تم سبي بني إسرائيل و تم توطينهم في العراق.
فلسطين تحت الحكم الفارسي و الإغريقي و الروماني:
بعد حوالي سبعين عاما على السبي البابلي برزت على الساحة الدولية آنذاك قوة عظمى وفق معايير ذلك العصر هي الإمبراطورية الفارسية الأخمينية التي نجحت في القضاء على الحكم البابلي و توسعت ليمتد نفوذها من الهند شرقا إلى حدود مصر غربا و كانت فلسطين الجغرافية ضمن نطاق هيمنتها
و قد سمح الفرس لمن يريد من المسبيين اليهود بالعودة إلى فلسطين و سمحت لهم بممارسة عبادتهم الخاصة و بإقامة معبد لهم في القدس و لكن لم تمنحهم أي استقلال سياسي
و ظلت فلسطين تحت سيطرة الحكم الفارسي أكثر من مائتي عام، وكانت تلك المنطقة قد جذبت اهتمام ملوك الفرس الذين حرصوا على أن تخضع لنفوذهم، واهتموا بإدارتها جيدًا؛ مما جعل هذه المنطقة تتمتع بفترة من الازدهار والرقي تحت الحكم الفارسي، وتحظى بالعديد من الإصلاحات التي قاموا بها؛ فلم تقم ضدهم ثورات خلال حُكْمهم الطويل في القرنين السادس والخامس قبل الميلاد، حتى اجتاحتها جيوش "الإسكندر الأكبر المقدوني" في عهد "دارا بن بهمن بن إسفنديار بن بشتاس" بعد أن دام ملكه أربع عشرة سنة.
كانت جيوش "الإسكندر" قد انحدرت إلى "الشام" بعد استيلائها على "الأراضي" المصرية، وقامت باجتياح الأراضي السورية والفلسطينية في الثلث الأخير من القرن الرابع قبل الميلاد، في نحو سنة (333 قبل الميلاد)، وفتحت بلاد "فلسطين" و"سوريا" أبوابها أمام جيوش "الإسكندر"، وعرضت عليه مدينة "صور" أن تبقى على الحياد بين جيوشه وجيوش الفرس، فرضي "الإسكندر" بذلك؛ مما سمح لبعض المدن الشامية أن تحتفظ ببعض الحكم الذاتي في عهد "الإسكندر" وخلفائه، لكنها لم تستطع أن تبتعد عن التأثر بالحضارة الهلنسية، خصوصًا في مجال الهندسة والعمارة.
واستطاع "الإسكندر" في فترة صغيرة هزيمة جيوش "دارا"- ملك "فارس"- في بلاد الجزيرة، وهدم ما كان بالبلاد من المدن والقلاع والحصون وبيوت النار، وأحرق كُتب فارس، واستعمل على البلاد بعض قواد "دارا"، ثم اتجه إلى ناحية "الصين" و"الهند"، وسيطر على معظم تلك المناطق ثم رجع إلى "العراق"، ومات في طريقه بشهرزور سنة (323 ق. م)، بعد أن دام ملكه أربع عشرة سنة.
ولما تُوفي "الإسكندر تنازع قادة جيوشه" فيما بينهم، وخاصةً "البطالمة" و"السلوقيين" في كُلٍّ من "مصر" و"سوريا" و"فلسطين"، فأصبحت تلك البلاد مسرحًا للحروب والمنازعات المستمرة،
وظلت مُدن "الشام" تتأرجح بين السيطرة البطلمية والسلوقية، و كان ازدياد سرعة انتشار الحضارة "الهلنسية" وقوتها من أبرز ما تركه "الإسكندر" ومِنْ بعده البطالمة والسلوقيون، وكانت هذه الحضارة هي نتيجة التداخل والتمازج بين الثقافتين اليونانية والسامية، فكانت حضارة مركبة تتميز عن كلٍّ من الحضارة "اليونانية" و"الهلينية"، وقد غلبت هذه الحضارة الجديدة على "فلسطين"، وخاصةً في مجال العمارة والهندسة اليونانية.
كما تأسس في عهد "الإسكندر" وحُكْم خلفائه عدد كبير من المدن اليونانية الجديدة، وانقلب كثير من المدن القديمة إلى مراكز ثقافية يونانية، وكانت كل مجموعة منها تتحالف فيما بينها وتكون دويلات مستقلة، مثل تحالف المدن العشر أو مدن "بيلا" (بيت جبرين) و"جرش" و"بطلمايس" (عكا) و"فيلادلفيا" (عمَّان) و"سكيثوبوليس" (بيسان) و"نيابوليس" (نابلس.
ظلت "فلسطين" تحت حُكْم "الإسكندر" ومَنْ تولى بعده من "البطالمة" و"السلوقيين" الذين اتخذوا من مدينة "أنطاكية" عاصمة لسوريا و"فلسطين"، وكان اليهود في "بيت المقدس" يتمتعون بحرية الديانة، وتجلت في هذه الفترة النـزعة الاستقلالية لدى بعض الجماعات المحلية، فقام اليهود بالثورة بزعامة "المكابيين" Maccabees، ويرى الصهاينة أن "المكابيين" بعثوا الروح العسكرية في الشعب اليهودي، وحولوه من شعب مستسلم إلى شعب من الغزاة المقاتلين، وإن كان البعض يرى أن الأصل العبري هو "مكبي"، وأنها اختصار بالحروف الأولى لآية جاءت في نشيد انتصار "موسى" على فرعون تقول بالعبرية: "مي كموخا بئيليم يهوه"، أي: "من كمثلك بين الآلهة يارب"!.
وقد تأججت نار الثورة لدى اليهود في (أورشليم) عندما قام الملك السلوقي "أنطيوخوس الرابع" نحو سنة (165ق. م) بتدمير الهيكل، وأرغم اليهود على اعتناق الوثنية اليونانية، فأشعل ذلك ثورة "المكابيين"، وأخذوا يُحاربون أنصار الحضارة الهلنسية، سواء كانوا من اليهود أنفسهم أم من غير اليهود مثل "الأدوميين" و"اليطوريين"، ونجح اليهود بالفعل
فجر التاريخ في فلسطين
تاريخ فلسطين
أصل التسمية :
عُرفت "فلسطين" منذ القدم بأرض "كنعان"، ولعلَّ أقدم ذكر ورد لها، هو الذي جاء على مسلة الملك "أدريمي" ملك "الآلاخ"- تل العطشانة- في منتصف القرن الخامس قبل الميلاد، كما وردكذلك في تقارير أحد القادة العسكريين لدى ملك "ماري".
أصل كلمة "فلسطين"- كما وردت في بعض الآثار الآشورية في عهد الملك الآشوري "أدديزاري الثالث" نحو عام (800 ق.م )- هو "فلستيا"، فقد وُجِدَ محفورًا على مسلته أن قواته تمكنت منإخضاع "فلستو" palastu في السنة الخامسة من حكمه، وأجبرت أهلها على دفع الضريبة.
ويذكر المؤرخ اليوناني"هيرودوتس" Herodotus أن أصل التسمية "بالستاين" يرجع إلى أصول آرامية، كمااستعمل هذه التسمية عددُُ من المؤرخين الرومان من أمثال "أجاثار شيدس"Agathar chides و"سترابو"Strabo و"ديو دوروس" Diodoru، وتطلق هذه التسمية أحيانًا على الجزءالجنوبي من "سوريا" أو "سوريا الفلسطينية" بجوار "فينيثيا" وحتى حدود "مصر".
وفي العهدالروماني أصبح اسم "فلسطين" يُطْلَقُ على جميع الأرض المقدسة، وصار اسمًا رسميًّالها منذ عهد "هدريان" Hadrian، وقد انتشر استعمال هذا الاسم في الكنيسة المسيحيةعلى نطاق واسع، وكان يشار إليه دائمًا في تقارير الحجاج المسيحيين. أما في العهدالإسلامي، فقد كانت "فلسطين" جزءًا من "بلاد الشام".
فلسطين قبل التاريخ :
كانت "فلسطين" مغمورة بالمياه وظلت لملايين السنين مغمورةً تحت المياه، كجرف للقارة بعد الشاطئ مباشرة، ومع الارتفاع البطيء لرواسب الجرف عبر ملايين أخرى من السنين بدأت ترتفع تدريجيًّا عن مستوى سطحالبحر، حتى وصلت إلى حدودها الحالية قبل حوالي مليوني سنة على وجه التقريب.
كانت هناك بحيرة كبيرة، أو خليج ممتد من "البحرالمتوسط" إلى "وادي الأردن"،وقد انكمشت تلك البحيرة حتى صارت في حجم "البحر الميت" ثم أخذت في التناقص بعدذلك.
وتتمتع "فلسطين" منذ الأزل بموقع متميز، كما حباها الله أرضًا خصبة، ومناخًا معتدلاً متميِّزًا،وهذه كلها هي روافد الحضارة وأسباب الاستقرار الذي يصنع الحضارة والعمران، فقدساعدت خصوبة أرض فلسطين، وموقعها المتميز على وجود الإنسان فيها منذ أقدم العصور،وهيَّأ لها أن تقوم بدور بارز في عملية الاتصال الحضاري بين المناطق المختلفة فيالعالم؛ وذلك بحكم موقعها المتوسط منه، كما كان ذلك من أهم الأسباب التي ساعدت علىكتابة تاريخها منذ القدم.
دلت الحفريات الأثرية، التي اكتشفت على أرض "فلسطين"، على وجود بعض الهياكل العظمية للإنسان القديم على أرض "فلسطين"، وهو ما يدل على وجود حياة بشرية مبكرة في هذا الجزء منالعالم منذ وقت مبكر وكان هؤلاء الأسلاف يعيشون حياة بدائية،ويعملون بالصيد، ولم يعرفوا حياة الاستقرار بالمعنى المفهوم، وإنما كانوا يعيشون متنقلين؛ سعيًا وراء قطعان الحيوانات المختلفة.
وقد تميَّزت الفترة الثالثة من العصر الحجري بظهور نوع من التطور في حياة وأنماط معيشة الإنسان البدائي، كما بدأ يطور أساليب صيده، واستخدام أدواته المصنوعة من الصوان، ولقد تمالعثور على عدد من الحفريات التي تمثل الحياة البشرية الأولى للإنسان داخل بعض الكهوف في "فلسطين"، ومنها كهف "الأميرة" و"عرق الأحمر" و"كبارة" و"الواد". كماعُثر كذلك على بعض الأدوات البدائية البسيطة التي كان يستعملها في هذه الفترة فيمواقع أخرى في "صحراء النقب"، وبالرغم من أن الإنسان في هذه المرحلة كان لا يزال يعيش على الصيد والقنص وجمع الثمار، فإن هذه المرحلة تمثل بداية التجمعات البشريةالتي أصبحت تشكل أنماطًا معيشية متطورة من حياة البشر على أرض "فلسطين".
ثم ما لبث الإنسان أن تحول من مرحلة الجمع إلى مرحلة الإنتاج، فجدَّ في البحث عن مواطن المياه،واستقرَّ حولها، وبدأ يعرف نوعًا من حياة الاستقرار بعد أن تحوَّل إلى الزراعة،فبدأ يزرع بعض النباتات، كالقمح والشعير، واتجه كذلك إلى صيد الحيوانات البحرية،وأصبح منتجًا لقُوْتِه، وتميزت الفترة الأخيرة من العصر الحجري بحدوث تغيير واضح فيوسائل المعيشة والإنتاج، كما حدث تغيير في أنماط البناء، وتطورت الأدوات التييستخدمها الإنسان القديم
فلسطين المسلمة
استمرَّت "فلسطين"خاضعة للحكم الرومانى إلى أن فتحها العرب المسلمون سنة (15هـ= 636م)، بقيادة "أبي عبيدة بن الجراح"، في عهد أمير المؤمنين "عمر بن الخطاب"- رضي الله عنه- وعندما جاء الخليفة "عمر بن الخطاب" من"المدينة" إلى "القدس"، وتسلمها من أهلها كتب لهم عهدًا بالأمان عُرف بالعهدة العمرية، وقام بنفسه بتنظيف الصخرة المشرفة وساحة الأقصى، ثم بنى مسجداً صغيراً عند مسرى النبي ومعراجه، وقد جاء معه وفد ضمَّ العديد من كبار الصحابة، منهم : "أبوعبيدة عامر بن الجراح"، و"سعد بن أبي وقاص"، و"خالد بن الوليد"، و"أبو ذر الغفاري".
و أخذت فلسطين منذ ذلك الزمن مكانا مرموقا في العالم الإسلامي نظرا لمكانتها الدينية و لذكرها في القرآن الكريم بوصفها أرض مباركة
لذلك كانت دوما محط رعاية و عناية الخلفاء المسلمين حيث تم توسيع المسجد الأقصى في العصر الأموي و كانت ولاية فلسطين بمثابة العاصمة الشتوية للخلافة الأموية
وعندما تولى "هارون الرشيد" الخلافةَ شهدت "القدس" فترةً من أزهى عصورها، كما سمح للإمبراطور "شارلمان" بترميم بعض الكنائس، بل إنه سمح له ببناء "كنيسة العذراء".
وأقام الخليفة "هارون الرشيد" علاقاتٍ طيبةً مع كثيرٍ من دول "أوروبا"، وتبادل معها السفراء والهدايا، وقد عُنِيَ "الرشيد" بحماية الحجاج المسيحيين الذين يفدون لزيارة "بيت المقدس
فلسطين و "بني إسرائيل"
لم يكن وجود "بني إسرائيل" في "فلسطين" إلا وجودًا عابرًا، فلم يكن لهم ارتباط أبدًا في يوم من الأيام بتلك الأرض، ولم يكونوا بها إلا لاجئين أو عابري سبيل، وبرغم كلِّ المزاعم الصهيونية والدعايات الكاذبة التي تزعم أن اليهود إنما يعودون إلى أرضهم القديمة، فإن حقائق التاريخ و الدين تشهد أنه لم يكن لهم أبدًا أي حق في "فلسطين" على مرِّ الأزمان والعصور.
في نحو سنة 1200 قبل الميلاد ، حسب بعض الروايات التاريخية ، بدأت القبائل العبريةبغزو المدن الكنعانية- مع الأخذ بعين الاعتبار أنه ليس أكيدا أن العبريين القدامى هم نفسهم بني إسرائيل- . وظل "بنو إسرائيل" يتقدمون إلى المدن فيحاصرونها ويقتلون أهلها ويُحَرِّقُونَها بالنار، وتساقطت أمامهم المدن الحصينة الواحدة تلو الأخرى،حسب الرواية التوراتية والتي لا يعتد بها المؤرخون كمرجع موثوق ، ولم تمر سنة (1100) قبل الميلاد إلا وكان "بنو إسرائيل" قد استولوا على معظم مدن أرض"كنعان" (فلسطين )
و بعد أن تمكنوا من السيطرة أسس بنو إسرائيل مملكتهم التي بلغت ذروة مجدها في زمن داوود و سليمان
و لكن هذه الفترة الذهبية لم تدم طويلا إذ سرعان ما انقسمت هذه المملكةبعد وفاة الملك سليمان إلى مملكتين ،مملكة الشمال " باسم إسرائيل و عاصمتها السامرة ،و مملكة الجنوب باسم يهوذا و عاصمتها " أور شليم "
و بدأت مرحلة الضعف و الانهيار تنخر في هاتين المملكتين بفعل الحروب بينهما ،إلى أن تم تدمير الأولى على يد الآشوريين و الثانية على يد البابليين حيث تم سبي بني إسرائيل و تم توطينهم في العراق.
فلسطين تحت الحكم الفارسي و الإغريقي و الروماني:
بعد حوالي سبعين عاما على السبي البابلي برزت على الساحة الدولية آنذاك قوة عظمى وفق معايير ذلك العصر هي الإمبراطورية الفارسية الأخمينية التي نجحت في القضاء على الحكم البابلي و توسعت ليمتد نفوذها من الهند شرقا إلى حدود مصر غربا و كانت فلسطين الجغرافية ضمن نطاق هيمنتها
و قد سمح الفرس لمن يريد من المسبيين اليهود بالعودة إلى فلسطين و سمحت لهم بممارسة عبادتهم الخاصة و بإقامة معبد لهم في القدس و لكن لم تمنحهم أي استقلال سياسي
و ظلت فلسطين تحت سيطرة الحكم الفارسي أكثر من مائتي عام، وكانت تلك المنطقة قد جذبت اهتمام ملوك الفرس الذين حرصوا على أن تخضع لنفوذهم، واهتموا بإدارتها جيدًا؛ مما جعل هذه المنطقة تتمتع بفترة من الازدهار والرقي تحت الحكم الفارسي، وتحظى بالعديد من الإصلاحات التي قاموا بها؛ فلم تقم ضدهم ثورات خلال حُكْمهم الطويل في القرنين السادس والخامس قبل الميلاد، حتى اجتاحتها جيوش "الإسكندر الأكبر المقدوني" في عهد "دارا بن بهمن بن إسفنديار بن بشتاس" بعد أن دام ملكه أربع عشرة سنة.
كانت جيوش "الإسكندر" قد انحدرت إلى "الشام" بعد استيلائها على "الأراضي" المصرية، وقامت باجتياح الأراضي السورية والفلسطينية في الثلث الأخير من القرن الرابع قبل الميلاد، في نحو سنة (333 قبل الميلاد)، وفتحت بلاد "فلسطين" و"سوريا" أبوابها أمام جيوش "الإسكندر"، وعرضت عليه مدينة "صور" أن تبقى على الحياد بين جيوشه وجيوش الفرس، فرضي "الإسكندر" بذلك؛ مما سمح لبعض المدن الشامية أن تحتفظ ببعض الحكم الذاتي في عهد "الإسكندر" وخلفائه، لكنها لم تستطع أن تبتعد عن التأثر بالحضارة الهلنسية، خصوصًا في مجال الهندسة والعمارة.
واستطاع "الإسكندر" في فترة صغيرة هزيمة جيوش "دارا"- ملك "فارس"- في بلاد الجزيرة، وهدم ما كان بالبلاد من المدن والقلاع والحصون وبيوت النار، وأحرق كُتب فارس، واستعمل على البلاد بعض قواد "دارا"، ثم اتجه إلى ناحية "الصين" و"الهند"، وسيطر على معظم تلك المناطق ثم رجع إلى "العراق"، ومات في طريقه بشهرزور سنة (323 ق. م)، بعد أن دام ملكه أربع عشرة سنة.
ولما تُوفي "الإسكندر تنازع قادة جيوشه" فيما بينهم، وخاصةً "البطالمة" و"السلوقيين" في كُلٍّ من "مصر" و"سوريا" و"فلسطين"، فأصبحت تلك البلاد مسرحًا للحروب والمنازعات المستمرة،
وظلت مُدن "الشام" تتأرجح بين السيطرة البطلمية والسلوقية، و كان ازدياد سرعة انتشار الحضارة "الهلنسية" وقوتها من أبرز ما تركه "الإسكندر" ومِنْ بعده البطالمة والسلوقيون، وكانت هذه الحضارة هي نتيجة التداخل والتمازج بين الثقافتين اليونانية والسامية، فكانت حضارة مركبة تتميز عن كلٍّ من الحضارة "اليونانية" و"الهلينية"، وقد غلبت هذه الحضارة الجديدة على "فلسطين"، وخاصةً في مجال العمارة والهندسة اليونانية.
كما تأسس في عهد "الإسكندر" وحُكْم خلفائه عدد كبير من المدن اليونانية الجديدة، وانقلب كثير من المدن القديمة إلى مراكز ثقافية يونانية، وكانت كل مجموعة منها تتحالف فيما بينها وتكون دويلات مستقلة، مثل تحالف المدن العشر أو مدن "بيلا" (بيت جبرين) و"جرش" و"بطلمايس" (عكا) و"فيلادلفيا" (عمَّان) و"سكيثوبوليس" (بيسان) و"نيابوليس" (نابلس.
ظلت "فلسطين" تحت حُكْم "الإسكندر" ومَنْ تولى بعده من "البطالمة" و"السلوقيين" الذين اتخذوا من مدينة "أنطاكية" عاصمة لسوريا و"فلسطين"، وكان اليهود في "بيت المقدس" يتمتعون بحرية الديانة، وتجلت في هذه الفترة النـزعة الاستقلالية لدى بعض الجماعات المحلية، فقام اليهود بالثورة بزعامة "المكابيين" Maccabees، ويرى الصهاينة أن "المكابيين" بعثوا الروح العسكرية في الشعب اليهودي، وحولوه من شعب مستسلم إلى شعب من الغزاة المقاتلين، وإن كان البعض يرى أن الأصل العبري هو "مكبي"، وأنها اختصار بالحروف الأولى لآية جاءت في نشيد انتصار "موسى" على فرعون تقول بالعبرية: "مي كموخا بئيليم يهوه"، أي: "من كمثلك بين الآلهة يارب"!.
وقد تأججت نار الثورة لدى اليهود في (أورشليم) عندما قام الملك السلوقي "أنطيوخوس الرابع" نحو سنة (165ق. م) بتدمير الهيكل، وأرغم اليهود على اعتناق الوثنية اليونانية، فأشعل ذلك ثورة "المكابيين"، وأخذوا يُحاربون أنصار الحضارة الهلنسية، سواء كانوا من اليهود أنفسهم أم من غير اليهود مثل "الأدوميين" و"اليطوريين"، ونجح اليهود بالفعل
فجر التاريخ في فلسطين
تاريخ فلسطين
أصل التسمية :
عُرفت "فلسطين" منذ القدم بأرض "كنعان"، ولعلَّ أقدم ذكر ورد لها، هو الذي جاء على مسلة الملك "أدريمي" ملك "الآلاخ"- تل العطشانة- في منتصف القرن الخامس قبل الميلاد، كما وردكذلك في تقارير أحد القادة العسكريين لدى ملك "ماري".
أصل كلمة "فلسطين"- كما وردت في بعض الآثار الآشورية في عهد الملك الآشوري "أدديزاري الثالث" نحو عام (800 ق.م )- هو "فلستيا"، فقد وُجِدَ محفورًا على مسلته أن قواته تمكنت منإخضاع "فلستو" palastu في السنة الخامسة من حكمه، وأجبرت أهلها على دفع الضريبة.
ويذكر المؤرخ اليوناني"هيرودوتس" Herodotus أن أصل التسمية "بالستاين" يرجع إلى أصول آرامية، كمااستعمل هذه التسمية عددُُ من المؤرخين الرومان من أمثال "أجاثار شيدس"Agathar chides و"سترابو"Strabo و"ديو دوروس" Diodoru، وتطلق هذه التسمية أحيانًا على الجزءالجنوبي من "سوريا" أو "سوريا الفلسطينية" بجوار "فينيثيا" وحتى حدود "مصر".
وفي العهدالروماني أصبح اسم "فلسطين" يُطْلَقُ على جميع الأرض المقدسة، وصار اسمًا رسميًّالها منذ عهد "هدريان" Hadrian، وقد انتشر استعمال هذا الاسم في الكنيسة المسيحيةعلى نطاق واسع، وكان يشار إليه دائمًا في تقارير الحجاج المسيحيين. أما في العهدالإسلامي، فقد كانت "فلسطين" جزءًا من "بلاد الشام".
فلسطين قبل التاريخ :
كانت "فلسطين" مغمورة بالمياه وظلت لملايين السنين مغمورةً تحت المياه، كجرف للقارة بعد الشاطئ مباشرة، ومع الارتفاع البطيء لرواسب الجرف عبر ملايين أخرى من السنين بدأت ترتفع تدريجيًّا عن مستوى سطحالبحر، حتى وصلت إلى حدودها الحالية قبل حوالي مليوني سنة على وجه التقريب.
كانت هناك بحيرة كبيرة، أو خليج ممتد من "البحرالمتوسط" إلى "وادي الأردن"،وقد انكمشت تلك البحيرة حتى صارت في حجم "البحر الميت" ثم أخذت في التناقص بعدذلك.
وتتمتع "فلسطين" منذ الأزل بموقع متميز، كما حباها الله أرضًا خصبة، ومناخًا معتدلاً متميِّزًا،وهذه كلها هي روافد الحضارة وأسباب الاستقرار الذي يصنع الحضارة والعمران، فقدساعدت خصوبة أرض فلسطين، وموقعها المتميز على وجود الإنسان فيها منذ أقدم العصور،وهيَّأ لها أن تقوم بدور بارز في عملية الاتصال الحضاري بين المناطق المختلفة فيالعالم؛ وذلك بحكم موقعها المتوسط منه، كما كان ذلك من أهم الأسباب التي ساعدت علىكتابة تاريخها منذ القدم.
دلت الحفريات الأثرية، التي اكتشفت على أرض "فلسطين"، على وجود بعض الهياكل العظمية للإنسان القديم على أرض "فلسطين"، وهو ما يدل على وجود حياة بشرية مبكرة في هذا الجزء منالعالم منذ وقت مبكر وكان هؤلاء الأسلاف يعيشون حياة بدائية،ويعملون بالصيد، ولم يعرفوا حياة الاستقرار بالمعنى المفهوم، وإنما كانوا يعيشون متنقلين؛ سعيًا وراء قطعان الحيوانات المختلفة.
وقد تميَّزت الفترة الثالثة من العصر الحجري بظهور نوع من التطور في حياة وأنماط معيشة الإنسان البدائي، كما بدأ يطور أساليب صيده، واستخدام أدواته المصنوعة من الصوان، ولقد تمالعثور على عدد من الحفريات التي تمثل الحياة البشرية الأولى للإنسان داخل بعض الكهوف في "فلسطين"، ومنها كهف "الأميرة" و"عرق الأحمر" و"كبارة" و"الواد". كماعُثر كذلك على بعض الأدوات البدائية البسيطة التي كان يستعملها في هذه الفترة فيمواقع أخرى في "صحراء النقب"، وبالرغم من أن الإنسان في هذه المرحلة كان لا يزال يعيش على الصيد والقنص وجمع الثمار، فإن هذه المرحلة تمثل بداية التجمعات البشريةالتي أصبحت تشكل أنماطًا معيشية متطورة من حياة البشر على أرض "فلسطين".
ثم ما لبث الإنسان أن تحول من مرحلة الجمع إلى مرحلة الإنتاج، فجدَّ في البحث عن مواطن المياه،واستقرَّ حولها، وبدأ يعرف نوعًا من حياة الاستقرار بعد أن تحوَّل إلى الزراعة،فبدأ يزرع بعض النباتات، كالقمح والشعير، واتجه كذلك إلى صيد الحيوانات البحرية،وأصبح منتجًا لقُوْتِه، وتميزت الفترة الأخيرة من العصر الحجري بحدوث تغيير واضح فيوسائل المعيشة والإنتاج، كما حدث تغيير في أنماط البناء، وتطورت الأدوات التييستخدمها الإنسان القديم